✍ أحلام محمد الفكي : عودة الأمل ؛ رئيس الوزراء يقود نفرة تنظيف الخرطوم

بعد غياب طويل فرضته ظروف الحرب، عادت الحياة تدب في أروقة العاصمة الخرطوم مع انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء في أرضها. هذا الحدث بحد ذاته يمثل نقطة تحول فارقة، لكن الأهم من ذلك هو القرار الذي تبعه مباشرة: إعلان الدكتور كامل إدريس، رئيس الوزراء، عن نفرة قومية للنظافة يقودها بنفسه يوم غد الأربعاء.
قد يبدو الأمر للوهلة الأولى مجرد حملة لتنظيف شوارع العاصمة، لكنه في حقيقته يحمل دلالات أعمق بكثير.
إنها إشارة واضحة وصريحة إلى أن الحكومة الجديدة لا تكتفي بالخطط والقرارات من مكاتبها المغلقة، بل تنزل إلى الميدان لتلامس الواقع وتشارك المواطن في أدق تفاصيله.
قيادة رئيس الوزراء شخصيًا لنفرة النظافة ليست مجرد مشاركة رمزية، بل هي تأكيد على عدة أمور بالغة الأهمية:
القيادة بالقدوة: عندما يرى المواطن أن أعلى مسؤول في الدولة يمسك بيده أدوات التنظيف ويشارك في إزالة مخلفات الحرب، فإن ذلك يبعث برسالة قوية بأن الجميع مسؤول، وأن إعادة بناء الوطن ليست مهمة تقع على عاتق فئة دون أخرى.
إنها دعوة للجميع من أصغر مواطن إلى أكبر مسؤول، للمشاركة الفعلية في عملية التعمير.
الأولوية القصوى إن وضع قضية النظافة والتعمير على رأس أولويات الحكومة، لدرجة أن رئيس الوزراء يقودها بنفسه، يؤكد أن عودة الحياة الطبيعية للمواطنين هي الهدف الأهم والأول. فالعاصمة التي عانت من ويلات الحرب تحتاج إلى أكثر من مجرد إصدار قرارات؛ هي بحاجة إلى عمل ميداني حقيقي لتهيئتها لاستقبال أهلها العائدين.
هى رسالة أمل وثقة: في ظل ما خلفته الحرب من دمار ويأس، فإن هذه الخطوة تمثل شعلة أمل جديدة. إنها تقول للمواطنين إن هناك إرادة حقيقية لإعادة بناء ما دمرته الحرب، وإن الخرطوم التي كانت مسرحًا للصراع ستعود كما كانت، بل أفضل. إنها دعوة للثقة في المستقبل والعمل المشترك من أجل تحقيقه.
إن معركة إزالة مخلفات الحرب ليست مجرد معركة تنظيف، بل هي معركة إعادة بناء الثقة، وإحياء الأمل، وتأكيد الإرادة. عندما يشارك رئيس الوزراء بنفسه في هذه المعركة، فإنه لا يزيل الأوساخ فحسب، بل يزيل أيضًا غبار اليأس، ويزرع بدلاً منه بذور الأمل والعمل.
غدًا الأربعاء، ستشهد الخرطوم نفرة ليست فقط لتنظيف شوارعها، بل لتنظيف جروحها وضمادها، ولتكون أولى خطواتها نحو فجر جديد من الأمل والتعمير.