✍ أحلام محمد الفكي : القادة من الداخل ؛ سر نهضة المؤسسات الحكومية

لم يعد الحديث عن تدهور الخدمة المدنية في السودان رفاهية، بل حقيقة يلمسها كل مواطن في تفاصيل يومه. ومن أبرز أسباب هذا التراجع اعتماد بعض المؤسسات على قادة وافدين من خارجها، بدلاً من تمكين أبنائها الذين يعرفون خباياها ويعيشون تفاصيلها.
ونؤكد ونقول ان المؤسسات تنهض بسواعد أبنائها
التجربة أثبتت أن القادة من الداخل هم الأقدر على تطوير المؤسسات الحكومية. فهم الأعلم باحتياجاتها، والأكثر ارتباطًا بتاريخها وتحدياتها. على العكس من ذلك، فإن استقدام قيادات من خارج المؤسسة كثيرًا ما أفرز قرارات بعيدة عن الواقع، وأدى إلى تراجع الأداء.
وهنالك شهادات من قلب الميدان..
*يقول أحد قدامى موظفي هيئة السكة الحديد:
"في الستينات والسبعينات، كان المدير يعرف العامل بالاسم، ويكتشف الخلل قبل أن يصل إليه التقرير.
أما اليوم يأتي المسؤول من الخارج فيتعامل معنا كأرقام بلا روح.
*ويضيف مهندس متقاعد من الناقل الوطني:
"حين كان القادة من أبناء المؤسسة، كانت الطائرات تسير بدقة عالمية.
التراجع بدأ يوم أُتي بمديرين لا علاقة لهم بالطيران، فاختل النظام وضاعت الخبرة.
اذا أسباب التدهور هو
الاعتماد على خبراء ومستشارين غرباء عن المؤسسة.
وتهميش الكفاءات الداخلية التي تحمل خبرة تراكمية.
اضافة الى ضعف الانتماء المؤسسي لدى القيادات الوافدة.
لقد كان السودان في الستينات والسبعينات نموذجًا يحتذى في إدارة مؤسساته الوطنية. فـ"السكة الحديد" و"الناقل الوطني" دليلان حيّان على أن المؤسسات حين تُدار بعقولها الداخلية، فإنها تحقق انضباطًا وجودة تضاهي العالمية.
المؤسسات لا تُبنى بالوافدين، بل بأبنائها الذين يحملون تاريخها ويصونون حاضرها. ومن دون تمكين القادة الداخليين، ستظل دوامة التراجع مستمرة. الرهان اليوم واضح أبناء المؤسسات هم مفتاح النهضة وبناة المستقبل.
إن بناء مؤسسات قوية لا يحتاج إلى وصفات مستوردة ولا إلى خبراء طارئين، بل إلى إيمان راسخ بقدرات الكوادر الوطنية. لقد آن الأوان لأن نستعيد الثقة في أبنائنا، فهم الأجدر بالقيادة، والأقدر على صياغة مستقبل مشرق. فالأوطان لا تنهض إلا حين يكون القرار بأيدي أبنائها، والولاء للمصلحة العامة لا للمناصب العابرة.وفق الله الجميع لما فيه مصلحة البلاد
وتنمية مؤسساتها واللحاق بركب الدول المتقدمة .