رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار
ملخص المساء الأخباري الإثنين 2025/9/8م ✍ رمضان محجوب : قيادات المقاومة بالشمالية المترجلة ؛ فمن كان منكم أكثر عطاءاً ومن كان منكم أطول يدا..؟! صحة الخرطوم : مجهودات مكثفة لرفع جودة الخدمة بمركز علاج حمى الضنك وتدريب الكوادر ✍ حسن إسماعيل : مؤانسات مع السفير الأمريكي الجديد ✍ أحلام محمد الفكي : قرع الأمل في الخرطوم : عام دراسي جديد ينبض بالحياة والي الخرطوم يتفقد العمل بشارع المطار تزامناً مع تأهيل المطار وإفتتاحه قريباً والي الخرطوم يرحب بعودة منظمات الأمم المتحدة للخرطوم ✍ محجوب فضل بدري : الجهدية والجاهزية وتغطية الشمس بالغربال ✍ يوسف عبد المنان : خارج النص ؛ معركة أم سيالة والي نهر النيل يعلن عن قيام مدينة لشهداء حرب الكرامة وإعفاء أبنائهم من الرسوم الدراسية برئاسة وزير الصحة وحضور وزير الثروة الحيوانية المجلس القومي للأدوية والسموم بوزارة الصحة يعقد اجتماعه الثاني للعام 2025م ✍ أم وضاح : الوطن بخير طالما جيشنا بخير

✍ محجوب فضل بدري : الجهدية والجاهزية وتغطية الشمس بالغربال

-بعد نشر مقالى الموسوم (الجهدية والجاهزية،فرق مقدار)تلقيت الكثير من التعليقات والردود، ولتعميم الفائدة أخترت أحدىٰ الرسائل التى وردت فى بريدى من أخٍ كريمٍ، وصديقٍ عزيز وعالمٍ رصين،وأستاذ جامعى بروف، وسودانى أصيل من القيادات المستنيرة فى قبيلة المسيرية الزرق. يقول بعد التقريظ والاشادة بما جاء فى المقال يقول:-

إخواننا في الشمال يحمِّلون وزر مجزرة المتمة لكل قبائل البقارة في الغرب و ذلك لجهلهم بالتاريخ أو تجاهلهم له لا أدرى . مع أن معظم هذه القبائل عانت من بطش التعايشة أكثر من معاناة الجعليين وعلى رأسهم المسيرية الزرق الذين قادوا التمرد فى أم درمان ضد الخليفة وأوعزوا إلى بقية القبائل بالرجوع إلى ديارهم و التخلى عن مناصرة الخليفة لأن حكم التعايشة تعيس. هذا التاريخ أخى محجوب سمعته رواية من أُناس كانوا شباباً عندما غادروا ام درمان منهم جدة والدتى و التى حضرتها و أنا طالب فى المرحلة الثانوية و لقد توفيت عن عمر فاق المائة عام و ذَكَرت لى أنها قطعت المسافة بين أم درمان و أبوزبد سيراً على الاقدام،(جاريين جرى) خوفاً من يلحق بهم الجهدية.

ومن الفظائع التى ارتكبها الجهدية فى حق المسيرية،(كتلة بانا دَنْقِر) فى منطقة السنوط غرب كردفان حيث اعتقل الجهدية الرجال من المسيرية فى المنطقة من عمر ثمانى سنوات فما فوق وجمعوهم فى (بانا) وأوثقوقهم بالحبال. وكانوا يأمرون الواحد بقولهم (دَنْقِرْ) ثم يقطعون رأسه،أنا شخصياً فقدت سبعة من أعمامى فى بانا دنقر،ومن القلائل الذين نجوا من تلك المذبحة جد السفير يوسف سعيد وعبدالباسط سعيد، لذلك أُطلق على المنطقة اسم (بانا دنقر) وهناك بانا الصفرا وغيرهما. ولست أدرى كيف انضم الرزيقات والمسيرية لحزب الأمة والذى أساسه الأنصار، فوالدى رحمه الله وقد كان صريحاً جداً قال لصديقه السيد عبدالرحمن المهدى عند أول أمر تأسيس حزب الأمة: هوى السيد أدرحمان، أنا ترا ما أنصارى أنا تيجانى، ومهدية أبوك دى ماعندى معاها شُغُل،كِنْ مهدى كِنْ ما مهدى ما غرضى!! ثم نسىٰ الناس كل تلك الجرائم التى ارتكبها الجهدية باسم المهدية.

-وزيادة على ماورد فى الرسالة التى أوضحت المزيد من الضحايا لصلف الخليفة التعايشى وعنف جهديته ضد قبائل غرب السودان وليس أواسط وشمال وشرق السودان وحده ، أُضيف ضحايا ود تورشين فى دار مساليت ودار تاما غرب جبل مرة بعد حركة أبوجميزة الذى اِلتَفَّت حوله قبائل كثيرة لأن انتصارات المهدية لم تؤدى الى تحول ايجابى فى أوضاع القبائل التى ناصرت الدعوة المهدية فاصيبت بالاحباط مما أدى الى فتح الطريق أمام أبوجميزة وهو شاب من قبيلة القرعان ادعى انه خليفة عثمان بن عفان استطاع هزيمة جيش الجهدية فى دار مساليت سبتمبر ١٨٨٨م،ثم استطاع للمرة الثانية من هزيمة جيش الجهدية بقيادة محمد بشارة ، فكانت أيام عصيبة على دولة المهدية،قبل أن تعيد ترتيب صفوف الجهدية،وانضم جيش سليمان أكرت وجيش أحمد خميس لجيش عثمان آدم لاخماد حركة أبوجميزة الذى توفى (فجأةً) وقاد الحركة من بعده أخوه اساغة الذى قتل على أبواب الفاشر، وانتهت حركة أبوجميزة بمقتل الآلاف من أبناء قبائل تلك المناطق، كما قامت فى القلابات حركة محمد البرقاوى الذى ادعى انه نبى الله عيسى،ورفع يونس الدكيم أمرهم الى قريبه الخليفة فأرسل اليهم حمدان أبوعنجة الذى نفذ فى البرقاوى وجماعته من امراء الجيش حكم الاعدام رغم توبتهم !! وخشى الخليفة من انشقاق الجيش فزعم ان هذا ماجاء فى الحضرة النبوية التى كشفت له أى للتعايشى:(انهم لم يتوبوا تماماً بل ماتوا على كفرهم وأن العقاب الذى لقيوه فى الآخرة كان صارماً) كما صُلِب بأم درمان رجلٌ من الفادنية اسمه محمد نور،أنكر المهدية،وفى دار مساليت ووداى قِمِر،خرج ادريس القمراوى على طاعة المهدية فسار اليه محمود ودأحمد فى جيش عرمرم وقتله فى دار تاما،وظهر رجلٌ اخر من نفس قرية أبوجميزة وأدعى انه المهدى المنتظر فقتله محمود ود أحمد وبعدهما بأشهر ظهر رجل اسمه أحمد بن عبد الله وقال انه المهدى المنتظر (مافيش حد أحسن من حد)!!

فسار اليه محمود ود احمد فقتله وخرب القرية وأحرق شجرة الجميز التى يقال ان ابوجميزة خرج منها.

وهكذا تتناسل مآسى ود تورشين وجهديته الذين ماخلوا صليح ولا تركوا بطناً باردة، ولئن راجت ذكرى كتلة المتمة عن غيرها فى الشمال فلا يعنى ذلك ان قبائل غرب السودان كانت بمنجاةٍ من بطش الجهدية جاهزية ذلك الزمان الأغبر وحتى زمان الناس هذا ودونكم ماحدث للمساليت فى الجنينة وصلب جثمان الوالى خميس أبكر بعد التمثيل به!!

ونعود لخاتمة رسالة البروفسير التى قال فيها: تاريخ السودان يحتاج إلى إعادة كتابة أخى محجوب. التأريخ المحرف و المكتوب بعدم حيادية هو الذى وَلَّد الضغائن و الأحقاد بين مكونات المجتمع السودانى. أنت من الكتاب الذين نعوِّل عليهم كثيراً في تصحيح هذه المفاهيم المغلوطة. و أسأل الله يعم بلدنا الأمن و السلام و تتاح لكم الفرصة للتجول في ربوع كردفان و دارفور و جبال النوبة لتسمع قصص التاريخ من الأحياء من الأجداد و الأحفاد.والأصبع ما بيحجب الوجه والغربال ما بيغطى عين الشمس. نسأل الله لكم طول العمر مع الصحة و العافية و العمل الصالح.

-وما شهدنا الا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين.