✍ عثمان البلولة : فصل الخطاب ؛ حين تُعلّق الرحمة على الأشجار

في مشهد يندى له جبين الإنسانية، أقدمت المليشيا المتمردة على ربط إمرأة معصوبة اليدين والرجلين وتعليقها على شجرة، في صورة تجردت فيها القسوة من أي وازع ديني أو أخلاقي أو إنساني. لم يكن هذا الفعل مجرد انتهاك جسدي لإنسانة أعزل، بل هو محاولة لقتل ما تبقى من الضمير فينا، ولغرس الرعب في قلوب البسطاء.
غير أن ما فات على الجناة أن مثل هذه الأفعال لا تكسر إرادة الشعوب، بل تعزز صلابتها، وتكشف حقيقة المشروع الهمجي الذي يحملونه. امرأة مُعلّقة على شجرة تحوّلت إلى رمز، لا للضعف كما أرادوا، بل لفضيحتهم التي ستظل شاهدة على بشاعة فكرهم وانحرافهم عن كل قيم إنسانية.
إنّ واجبنا جميعاً أن نرفض، نُدين، ونُوثّق. فالمأساة لا تخص تلك المرأة وحدها، بل تخصنا جميعاً؛ تخص إنسانيتنا، حاضرنا، ومستقبل أطفالنا. التاريخ لا يرحم، والجرائم لا تسقط بالتقادم، وسيأتي يوم يُحاكم فيه الجناة أمام ضمائر البشر قبل أن يُحاكموا أمام عدالة الأرض والسماء.