✍ أحلام محمد الفكي : بلدنا بسواعدنا نبنيها ولن نفرط فيها

بين الأطلال.. قصة شعب يرفض الهزيمة
في كل زاوية من زوايا هذا الوطن، هناك قصة ألم، وحكاية صمود. مدن كانت تنبض بالحياة، ومنازل دافئة تحولت إلى ركام، وأحلام تبددت تحت وطأة الرصاص. لكن وسط كل هذا الدمار، يولد إصرار جديد، وتشتعل شعلة الأمل في قلوب لا تعرف اليأس. هذا هو السودان اليوم، بلد يواجه أعتى العواصف، وشعب يرفض أن يرفع الراية البيضاء.
لقد عاش المواطن السوداني أبشع أنواع الظلم. رأى منزله يُهدم، وممتلكاته تُنهب، وأمنه يُسلب. رأى الرجال يُذلون، والنساء يُعذبن، والأسر تُشرد. لم يفرق المعتدون بين من شقى وتعب لجمع رزقه الحلال، وبين من كان يعيش في سلام. كان الحقد الأعمى هو الوقود الذي أشعل هذه النار، نار لم تترك بيتاً إلا ودخلته، ولا قلباً إلا وأحرقته.
هدنة لا تخدم سوى أطراف الحرب
في هذا السياق، تطرح مبادرات الهدنة نفسها، لكن السؤال الذي يطرحه كل سوداني على نفسه هو: هدنة لمن؟
ولماذا؟
هل هي فرصة للمزيد من التسليح، ووقود جديد لاستمرار الحرب؟
إن الشعب الذي ذاق مرارة التعذيب والتهجير، لا يرى في هذه الهدنات سوى محاولات لفرض واقع بالقوة، وشرعنة للظلم الذي وقع عليه.
إن أي حل لا يأخذ في الاعتبار معاناة الشعب، ولا يحقق تطلعاته في الأمن والسلام، سيكون مجرد مسكن مؤقت لا يحل المشكلة من جذورها. المواطن السوداني لا ينسى من طرده من بيته، ومن سرق أحلامه. لن يقبل أن تُفرض عليه سلطة القوة، أو أن يركع لمن أذاقه مرارة العذاب.
حقد يتجدد.. وإرادة لا تنكسر
لا تزال بصمات الحقد واضحة على كل جدار، وعلى كل أرض زراعية هجرت، وعلى كل مصنع أغلق. إنه حقد لم يكتفِ بتشريد الناس من بيوتهم، بل لحق بهم إلى مزارعهم وأماكن عملهم. إنه سم يسري في شرايين هذا الوطن، لكنه لم ينجح في قتل الروح السودانية.
المواطن البسيط، الذي طرد من بيته ظلماً، وصودرت ممتلكاته، لم ولن يقبل بمن فعل ذلك. هذا الشعب العظيم، بصموده وقوته الداخلية، يكتب فصلاً جديداً من تاريخه. فصلاً لا يتضمن الاستسلام، بل يؤكد أن المستقبل سيبنيه أصحابه. هذا هو الشعب السوداني، الذي يؤمن بأن غداً أفضل قادم، وأن بسواعد أبنائه وبناته ستُبنى السودان من جديد، ولن يفرط في ذرة من ترابها