✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية ؛ آمال الشعب السوداني في حكومته

في خضم الأزمات والحروب التي عاشها السودان في السنوات الأخيرة، تظل آمال الشعب معلقة على حكومته، باعتبارها الأداة الشرعية القادرة على انتشال البلاد من أزماتها وإعادتها إلى مسارها الصحيح. فالمواطن السوداني اليوم، بعد معاناة طويلة، لا يبحث عن الرفاهية بقدر ما يبحث عن الأمن والاستقرار والعيش الكريم.
أولى هذه الآمال هي السلام الشامل، إذ يتطلع السودانيون إلى أن تضع الحكومة حداً للحرب والاقتتال، وأن تعود الحياة الطبيعية إلى الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة وغيرها من الأقاليم التي أنهكتها الصراعات. ولا يمكن لأي مشروع تنموي أو إصلاحي أن ينجح دون أن يسود الأمن وتُغلق صفحة الدماء.
كذلك يترقب الشعب قيام حكومة عادلة ومنصفة، تُعلي قيمة القانون وتبسط هيبة القضاء، وتعمل على محاسبة كل من ارتكب جرائم في حق الوطن والمواطن، حتى يشعر الناس بأن العدالة ليست شعارات، بل واقع ملموس.
أما على صعيد الخدمات، فإن السودانيين يحلمون بعودة المستشفيات والمدارس والجامعات إلى دورها الطبيعي، وأن يجدوا الماء والكهرباء والدواء بأسعار في متناول الجميع. فالخدمات الأساسية هي عصب الحياة اليومية، وغيابها يضاعف معاناة المواطن.
ومن أكبر التحديات التي يعلق عليها الشعب آماله، الإصلاح الاقتصادي. فالغلاء الطاحن وتدهور الجنيه السوداني جعلا حياة المواطنين أشبه بصراع يومي، لذا يأمل الجميع في أن تضع الحكومة خططاً واقعية لإحياء الاقتصاد، وتوفير فرص عمل للشباب، وفتح أبواب الاستثمار.
إضافة إلى ذلك، فإن إعادة إعمار ما دمرته الحرب يعد من أولويات المواطن، حيث يتمنى أن يرى الطرق والمنازل والمؤسسات تعود إلى سابق عهدها، بل وأفضل مما كانت. وهنا تتجلى الحاجة إلى رؤية وطنية شاملة تستنهض الطاقات الداخلية وتستفيد من الدعم الخارجي.
ويبقى الأمل الأكبر هو أن تكون الحكومة حكومة كل السودانيين، بعيدة عن المحاصصة الضيقة والانقسامات، قادرة على جمع شمل الوطن تحت راية واحدة، وأن تضع مصلحة السودان فوق كل اعتبار.
آمال الشعب السوداني ليست مجرد أحلام، بل حقوق مشروعة يتطلع إليها بعد صبر طويل، وينتظر من حكومته أن تترجمها إلى واقع ملموس يفتح الباب أمام مستقبل أفضل.
إن آمال الشعب السوداني ليست رفاهية ولا ترفاً سياسياً، بل هي حق أصيل وواجب على الحكومة أن تحققه. واليوم، أمامها فرصة تاريخية لتعيد الثقة بينها وبين مواطنيها، وذلك لن يكون إلا ببذل الجهد الصادق والعمل الجاد في خدمة الوطن. فإن التقطت الحكومة هذه اللحظة، صنعت مجداً يُكتب في تاريخ السودان، وإن فرّطت فيها فلن يرحمها التاريخ ولن يغفر لها الشعب.وسودان مابعد الحرب اقوي واجمل