✍ أحلام محمد الفكي : السودان بين سواعد الداخل وعقول المهجر ؛ أي طريق للنهضة؟

يا أبناء السودان يا صناع فجر الغد المشرق دعونا نتأمل مليا في سبل النهوض بوطننا الحبيب. هل حقًا يكمن الخلاص في سواعد من بقي على أرضه فقط؟
أم أن لعقول المهجر دورًا لا يمكن الاستغناء عنه؟
لقد عايش أبناء الداخل مرارة القهر، وذاقوا شظف العيش، وسقوا تراب الوطن بدمائهم وعرقهم. هم الأدرى بخبايا الأرض، والأقرب إلى نبض الشارع، والأقدر على فهم احتياجات المواطن البسيط. خبراتهم العملية المتراكمة في ظل الظروف الصعبة لا تقدر بثمن، وقدرتهم على التكيف مع الواقع هي مفتاح الحلول المحلية. الكفاءات الداخلية هي عمود الخيمة الذي لا يستقيم البنيان إلا به، وهم حراس الهوية وضمير الأمة.
لكن، هل لنا أن نغض الطرف عن كنوزنا البشرية المنتشرة في أصقاع الأرض؟
أبناء السودان في المهجر ليسوا مجرد "هاربين من الشدة" كما يصورهم البعض، بل هم غالبًا طاقات استثمرت في العلم والمعرفة في أرقى الجامعات والمؤسسات العالمية. لقد صقلتهم تجارب الغربة، واكتسبوا مهارات متقدمة في مجالات الاقتصاد، التكنولوجيا، الطب، الإدارة، وغيرها. إنهم يحملون رؤى جديدة، وأفكارًا مبتكرة، وشبكات علاقات دولية يمكن أن تكون جسرًا للسودان نحو العالمية.
الوطن يحتاج إلى الجميع. نحن لا نواجه خيارًا بين الداخل والخارج، بل بين الازدهار والركود.
إن التحديات التي تواجه السودان اليوم أكبر من أن يواجهها طرف واحد بمفرده. نحتاج إلى دمج هذه الطاقات، وتوحيد الجهود. تخيلوا لو أن خبرة أبناء المهجر في التخطيط الاستراتيجي الحديث والتكنولوجيا الرقمية التقت بمعرفة أبناء الداخل العميقة بالواقع المحلي والتحديات اليومية. هذا هو التآزر الذي سيخلق قوة دفع لا تتوقف.
المسألة ليست مسألة من الأفضل بل "كيف نعمل معًا". يجب أن تنتهي فكرة "الوزارة مغنم" لتصبح "الوزارة مغرم". مغرمٌ بالعمل، مغرمٌ بالبناء، مغرمٌ بخدمة هذا الشعب. يجب أن تُفتح الأبواب لكل كفاءة، سواء كانت من داخل الوطن أو من خارجه، طالما أن بوصلتها تشير إلى خدمة السودان ورفعة شأنه.
إن الوطن اليوم يناديكم جميعًا. فهل نستطيع أن نتجاوز الانقسامات ونبني جسور الثقة بين سواعد الداخل وعقول المهجر لنرسم معًا مستقبل السودان الذي يليق به؟نتمنى ذلك ..ونرى ذلك فى أرض الواقع