✍ عمار العركي : الدبلوماسية السودانية تنتقل للهجوم ؛ أبوظبي في مرمى الإتهام و”عدم الانحياز” شاهد على الانكشاف

* في لحظة سياسية إقليمية فارقة، وجّهت وزارة الخارجية السودانية بيانًا حادًّا ومدروسًا، أخرج العمل الدبلوماسي السوداني من مربع التحفظ والمجاملات إلى مساحة الوضوح والتسمية والمواجهة السياسية المباشرة.
* البيان، الذي صدر في أعقاب اجتماعات حركة عدم الانحياز بنيويورك، لم يكتفِ بمجرد الاعتراض ، بل سمّى نظام أبوظبي بصفته الراعي المباشر لمليشيا الإبادة الجماعية، في سابقة دبلوماسية غير معهودة منذ اندلاع الحرب.
*معركة دبلوماسية بثلاثة انتصارات سودانية*
* يمكن القول إن وفد السودان كسب ثلاثة انتصارات متتالية في هذه الجولة بتمرير فقرة التضامن مع السودان في البيان الختامي، بدعم من غالبية الدول الأعضاء، ومنها جنوب أفريقيا، الجزائر، إثيوبيا، الهند، البرازيل، وباكستان.
* إفشال المساعي الإماراتية الهادفة لحذف النص واستبداله بعبارات تروج لـ"حكومة موازية".
* تحويل الواقعة إلى بيان سياسي استراتيجي، حمّل أبوظبي المسؤولية المباشرة عن دعم الإرهاب، الإبادة الجماعية، وانتهاك سيادة السودان
*البيان... بداية لمعركة أوسع*
* بيان وزارة الخارجية لم يُنهِ المعركة، بل فتح فصلاً جديدًا من المواجهة السياسية والقانونية والدبلوماسية، يمكن تفكيكه في ثلاث إشارات مركزية:
* وضع الإمارات في مرمى الاتهام الدبلوماسي المباشر بتسميتها كراعٍ للإبادة والإرهاب أخرج الأزمة من مربع "النزاع الداخلي"، وجعلها قضية تدخل خارجي ممنهج تستدعي المواجهة الدولية.
* تثبيت حق السودان في الرد المشروع ، استناداً على أدلة موثقة و تحقيقات دولية ، مما يمنح الموقف السوداني غطاءً أخلاقيًا وقانونيًا، ويبرر تحركاته القادمة سياسيًا وإعلاميًا.
* استخدام توصيفات دقيقة مثل "الإبادة" و"الإرهاب" يمهّد الطريق لـشكاوى رسمية، أو ملاحقات قانونية، أو حتى تدويل أكبر للقضية عبر المحافل الإقليمية والدولية.
*الإعلام والجبهة الداخلية... الامتداد الطبيعي للمعركة*
* ما أطلقته وزارة الخارجية على مستوى الخطاب السياسي الرسمي، ينبغي أن يوازيه حراك نشط على جبهة الداخل: إعلاميًا، مجتمعيًا، ونخبويًا. فهذه المعركة لا تُخاض فقط في قاعات المؤتمرات الدولية، بل تتطلب إعلامًا وطنيًا واعيًا يُعيد صياغة الرواية السودانية ويُصدّرها للعالم بلغته وأدواته.
* نشاطًا مجتمعيًا ومدنيًا منسقًا يوصل صوت الضحايا، ويفضح شبكات التورط الإقليمي والدولي في استمرار الحرب.
* خطابًا موحدًا ومتزنًا من النخب السياسية والفكرية، يدعم الموقف الرسمي دون ابتذال، ويرفع كلفة التواطؤ مع مليشيا مجرمة.
* فالمعركة باتت شاملة، وأي تقاعس داخلي عن مواكبة الانتصار الدبلوماسي الخارجي يفتح ثغرة يمكن أن تنفذ منها الدعاية المعادية، ويبدد مكاسب تحققت بصعوبة في ميادين السياسة والموقف الدولي.
*خـلاصــة القـــول ومنتهـــاه :*
* الخارجية السودانية، عبر هذا البيان، أثبتت أن الصوت السياسي الهادئ لا يعني الغياب، وأن الصبر الاستراتيجي لا يُلغي الحسم. لقد وجّهت الخرطوم ضربة دبلوماسية متقنة، حاصرت فيها الدور الإماراتي وأخرجته من الغرف المغلقة إلى دائرة الضوء والاتهام العلني.
* والسؤال الآن:.هل تنجح الدبلوماسية السودانية في تحويل هذا الاشتباك إلى مسار مستدام من الضغط والمحاسبة؟وهل تنجح الجبهة الداخلية والإعلام الوطني في تثبيت هذه المكاسب؟