✍ د. طارق عشيري : هل يتعافى الاقتصاد السوداني؟

من اجمل المشاهد التي شاهدتها عبر القروبات المختلفة بداية تشغيل بعض المصانع مثل مصنع الحديد السوداني الماليزي ومجموعة معاوية البرير ومجموعة سيقا هذه المشاهد تبث الامل في الشعب السوداني وتؤكد ان عجلة الاقتصاد سوف تعود كماكانت لتضغ امل جديد في شريان هذه الامه الصابره التي تحلم بغد مشرق لهذا الوطن الجريح، في كل مناحي الحياة، حيث يمر
الاقتصاد السوداني بأشد أزماته منذ الاستقلال، نتيجة الحرب الدائرة منذ أبريل 2023، التي شلّت مفاصل الدولة، وعطّلت الحركة التجارية، وأحدثت نزيفًا في الإيرادات العامة. وسط هذا الواقع القاتم، يطرح كثيرون سؤالًا حتميًا: هل يمكن أن يتعافى الاقتصاد السوداني؟
أدت الحرب إلى انكماش حاد في الناتج المحلي بنسبة تُقدّر بـ 29% في 2023، واستمر التراجع في 2024، حيث سجل انخفاضًا إضافيًا تجاوز 13%. وبلغ التضخم أرقامًا قياسية، إذ قفز إلى أكثر من 140%، وسط انهيار العملة الوطنية وتراجع الإنتاج الزراعي والصناعي. كما تسبب النزوح الداخلي وتدمير البنية التحتية في تعطيل القطاعات الحيوية كافة، من التعليم والصحة إلى النقل والطاقة.
التعافي الاقتصادي في السودان لا يواجه فقط آثار الحرب، بل أيضًا تراكمات من الفساد الإداري، وضعف المؤسسات، والاعتماد شبه الكامل على صادرات الذهب، ما جعل الاقتصاد هشًّا أمام أي اضطراب. كما أن السياسات المالية ما زالت عاجزة عن السيطرة على التضخم أو تحقيق استقرار سعر الصرف.
رغم الصورة القاتمة، توجد مؤشرات خجولة قد تعطي بارقة أمل، فاستمرار تدفّق صادرات الذهب رغم التهريب.
وصمود بعض المشاريع الزراعية خارج مناطق النزاع.
والحديث عن مبادرات دولية لإعادة الإعمار.
لكن كل هذه المؤشرات تظل رهينة بمدى قدرة الدولة على وقف الحرب، واستعادة النظام المالي، وتأهيل البنى التحتية والمؤسسات المدنية.
لكن ما هو المطلوب للتعافي؟
لايمكن الحديث عن تعاف الاقتصاد اذا لم يتحقق سلام شامل ومستقر وامن لمناطق الإنتاج وحمايه المصانع التي تعمل وتنتج في ظل هذا الوضع سواء سياسيا واقتصاديا لهذا لابد من وضع خطة انعاش اقتصادي
مدروسة، ومدعومة من شركاء دوليين.
وقبل كل ذلك إصلاح النظام المصرفي والسياسات النقدية التي تعيشها البلاد اليوم من ارتفاع الدولار والعشوائية التي تطفو علي سطح الاسواق دون رقابه
و محاربة الفساد، وبناء المؤسسات المدنية الفعّالةوشفافيةالسياسه المالية للدوله لابد من مراجعتها بمايتناسب مع الوضع الحالي والعمل الجادعلي دعم مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي، وتقليل الاعتماد على الذهب.
التعافي الاقتصادي في السودان ليس مستحيلًا، لكنه مرهون بإرادة سياسية صادقة، وسلام دائم، وقرارات اقتصادية شجاعة. ما دامت الحرب مشتعلة، سيظل الحديث عن التعافي مجرد أمل مؤجل. لكن في وطن مثل السودان، الغني بالموارد والطاقات البشرية، لا تزال الفرصة قائمة إن أحسنّا استثمارها.
نظل نهمس ونكتب عبر حرصنا الوطني لمكتسبات هذا الوطن لعل ينصلح حالنا الاقتصاد ويجد مانكتبه حظا من التنفيذ حتي لانحس اننا خارج دائره الاهتمام وهذا الاحساس يجعل قلمنا يشعر بالفتور