✍ أحلام محمد الفكي : السودان على مفترق طرق ؛ أوقفوا حملات التخوين

في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ السودان حيث تتناحر القوى وتتصارع المصالح، يبرز صوت العقل ليقول: "كفى!". ففي خضم هذا الوضع العصيب، بدأت حملات التخوين والهجوم على رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس، ولم يمر على توليه منصبه سوى بضعة أشهر. لقد سمعنا ما يردده بعض الإعلاميين من أن "بروفيسور كامل قد فشل في مهمته كرئيس للوزراء". ولكن هل يعقل أن نصدر حكمًا بالفشل بعد هذه الفترة الوجيزة؟
وهل الوقت مناسب لصب الزيت على النار وتغيير القيادات بينما البلاد في أمس الحاجة إلى الاستقرار؟
إن القصة ليست في الأشخاص وليست في كامل إدريس أو غيره. المشكلة الحقيقية تكمن في البيئة السياسية السودانية المتشابكة والمثقلة بالمصالح المتضاربة. هذا الوضع المعقد هو الذي يفرض نفسه على أي قائد، مهما كانت قدراته.
لقد رأينا كيف أن المصالح الشخصية هي التي تحكمت في تعيين الوزراء، وكأن البلاد أصبحت غنيمة تُوزّع على أصحاب النفوذ والسلاح.
فإذا كانت هذه هي الحال، فهل تتوقعون من أي قائد أن ينجح في هذا المستنقع؟ حتى لو أتيتم بملك من السماء، فلن يغير شيئًا ما لم يتم إصلاح هذا الخلل الهيكلي.
إن الحل لا يكمن في تغيير الوجوه، بل في إصلاح المؤسسات. فما يحتاجه السودان الآن هو وقف الحرب وإجراء حوارات وتسويات سياسية شاملة، تتبعها انتخابات حرة ونزيهة. من خلال هذه العملية، يمكن أن يبدأ السودان في بناء نظام سياسي مستقر، بعيدًا عن الفوضى وتضارب المصالح.
إن الخلل الحقيقي يكمن في البنية التحتية للدولة، وعندما يتم إصلاحها، ستصلح أحوال الأفراد والقادة تلقائيًا.
الوعي السياسي هو المفتاح
إن ما يدمّرنا هو ذلك الوعي السياسي المليء بالتخوين والعاطفة المدمرة. فهل ننسى أننا خرجنا ضد النميري ثم استقبلناه بحفاوة؟
وهل ننسى أننا هتفنا ضد البشير ثم بدأ البعض منا يترحم على أيامه؟
اليوم، نهتف "العسكر إلى الثكنات"، وفي الغد ننادي بحكمهم! هذا التناقض العاطفي يظهر أن مشكلتنا ليست في القادة بل في وعينا السياسي كشعب.
إن البروفيسور كامل إدريس، صاحب الخبرة الطويلة والتجارب المدنية، رجل وطني صاحب رؤية. يجب أن نحترم جهوده ومعالجاته، وأن ندعم مسيرته بدلاً من أن نقوضها. دعونا نبتعد عن الثرثرة السياسية ونركز على ما هو جوهري: كيف نبني السودان؟.
التخوين والتشرذم لن يقودنا إلا إلى مزيد من الدمار.
فلنضع العواطف جانباً، ولنفكر بعقلانية. السودان يستحق منا أن نعمل بجد لإصلاح بيئته السياسية، لا أن نرهن مستقبله للصراعات الشخصية والمصالح الضيقة. لك الله يا سودان، ولكل شعب يسعى إلى الخلاص