رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار
ملخص المساء الأخباري الثلاثاء 2025/10/14م ✍ أحمد الشريف : كتابات ؛ بلاهه حمدوك ✍ عبد الماجد عبد الحميد : حساسية ملف تواجد المواطنين من دولة جنوب السودان بالسودان صحة الخرطوم : إستقرار ووفرة دوائية بمخازن وصيدليات مستشفيات الريف الشمالي لكرري وعلاج مجاني لضنك لـ24 ساعة وزير التعليم العالي يرأس الإجتماع السادس للجنة تنظيم مؤسسات التعليم العالي الخاص والأهلي والأجنبي َ والي الشمالية وأعضاء حكومته يدينون استهداف المليشيا لمواطني الولاية ”آمنة ميرغني” .. وتمضي المسيرة!! تقرير : محمد جمال قندول رئيس الوزراء يستقبل سفير المغرب بالسودان ويؤكد متانة العلاقات بين البلدين رئيس الوزراء يتلقى دعوة رسمية لزيارة ليبيا النائب العام تلتقي رئيس القضاء لتعزيز التعاون والتنسيق بين السلطة القضائية والنيابة العامة رئيس الوزراء يؤكد دعمه لمبادرات ومشاريع نادي رجال الأعمال السودانيين والي الشمالية يؤدي واجب العزاء لأسر شهداء هيئة العمليات بجهاز المخابرات العامة

✍ أحلام محمد الفكي : صَرْخَةٌ فِي جَسَدِ الدَّوْلَةِ ؛ الفَسَادُ الإِدَارِيُّ سَرَطَانٌ يَقْتُلُ أُصُولَنَا

يا سَادَة، إنَّها لَآفَةٌ تَتَجَذَّرُ كَالشَّوْكِ فِي قَلْبِ الوَطَنِ، ومِرْضٌ خَبِيثٌ يَنْخَرُ جَسَدَ مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ.. إنَّهُ لَعْنَةُ اسْتِغْلَالِ أُصُولِ الأُمَّةِ لِمَصْلَحَةِ الفَرْدِ! فَلَا تَكادُ تَدْخُلُ مَرْفَقًا عَامًّا، أَو تَقْطَعُ أَعْتَابَ مُؤَسَّسَةٍ حُكُومِيَّةٍ، إلاَّ وتُفَاجَأُ بِتِلْكَ الظَّاهِرَةِ السَّوْدَاءِ: مَوَارِدُ الدَّوْلَةِ، التي هي مِلْكٌ لِلْجَمِيعِ، تُصْبِحُ مَطِيَّةً لِإِثْرَاءِ قِلَّةٍ ضَالَّةٍ!

مَأْسَاةُ التَّدَهْوُرِ... وَالخِيَانَةُ في قَلْبِ العَمَلِ

لَقَدْ أَضْحَتْ كَثِيرٌ مِن مُؤَسَّسَاتِنَا العَرِيقَةِ أَشْبَاحًا بَاهِتَةً، لَيْسَ لِقِلَّةِ المَوَارِدِ، بَلْ لِسُوءِ الاسْتِغْلالِ وَخِيَانَةِ الأَمَانَةِ. فَمَنْ مِنَّا لَمْ يَلْمَسْ هَذَا الوَبَاءَ؟

ذَلِكَ المُوَظَّفُ الَّذِي وَقَفَ عَلَى ثُغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الأُمَّةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ مِنْ نَفْسِهِ جُنْدِيًّا لِتَطْوِيرِهَا، بَلْ سَمْسَارًا عَلَى حِسَابِهَا. هُوَ شَاهِدٌ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّقَاعُسِ وَالرُّكُودِ، وَبِالاسْتِثْمَارِ فِي النَّفُوذِ لَا فِي الخِبْرَةِ!

كَانَتْ مُؤَسَّسَاتُنَا مَنَارَاتٍ لِلْخِدْمَةِ، فَصَارَتْ –لِلْأَسَفِ- سَوَاحَةً لِلْمُتَاجَرَةِ بِالمُمْتَلَكَاتِ وَالأُصُولِ! هَلْ نَسِينَا تِلْكَ "الإِكْرَامِيَّاتِ" وَ"التَّحْضِيرَاتِ" الزَّائِفَةِ، الَّتِي مَا هِيَ فِي حَقِيقَتِهَا إلَّا سُتُورٌ وَاهِيَةٌ تَسْتُرُ وَجْهَ الرَّشْوَةِ القَبِيحِ؟!

هَذَا النَّزْفُ المَالِيُّ الَّذِي عَرَّى خِزَانَةَ الدَّوْلَةِ، وَأَدَّى بِالخِدْمَةِ المَدَنِيَّةِ إِلَى حَافَةِ الانهِيَارِ!

لَا يَقْتَصِرُ الأَمْرُ عَلَى بَيْعِ الأُصُولِ بِأَثْمَانٍ بَخْسٍ لِمُقَرَّبِينَ، أَوْ تَأْجِيرِهَا بِأَسْعَارٍ تُهِينُ مَالِكَهَا الحَقِيقِيَّ (الشَّعْبَ)، بَلْ يَمْتَدُّ لِيَشْمَلَ:

* اسْتِغْلالَ المَرَافِقِ وَالآلَاتِ لِمَصَالِحَ شَخْصِيَّةٍ وَتِجَارِيَّةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ هَدَفِ المُؤَسَّسَةِ الأَصْلِيِّ.

* تَوْجِيهَ العُقُودِ وَالمُنَاقَصَاتِ بِلُؤْمٍ لِشَرِكَاتٍ وَأَفْرَادٍ لَهُمْ "نَصِيبٌ مَعْلُومٌ" مِنْ خَلْفِ السَّتَائِرِ!

يا لَلْكَارِثَةِ! فَهَذَا النَّهْجُ لَا يُسَبِّبُ فَقَطْ خَسَائِرَ مَالِيَّةً فَادِحَةً تُبَدِّدُ أَحْلَامَ الأَجْيَالِ، بَلْ يُؤَدِّي إِلَى تَدْمِيرِ الثِّقَةِ الَّتِي هِيَ الرَّصِيدُ الأَثْمَنُ بَيْنَ الشَّعْبِ وَمُؤَسَّسَاتِهِ، وَيُهْدِرُ جَوْدَةَ الخِدْمَاتِ المُقَدَّمَةِ لِلْجُمْهُورِ! وَهَذَا سِرُّ تَحَوُّلِ الوِظِيفَةِ الحُكُومِيَّةِ مِنْ خِدْمَةٍ إِلَى مَصْدَرِ ثَرَاءٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ لِفِئَةٍ اتَّخَذَتْ مِنْ النُّفُوذِ سُلَّمًا وَمِنْ الوَطَنِ غَنِيمَةً!

ان النَّجَاةُ... فِي النَّزَاهَةِ وَالمُسَاءَلَةِ. ولَنْ يَنْصَلِحَ حَالُ مُؤَسَّسَاتِنَا مَا لَمْ تَقْتَلِعْ هَذِهِ الظَّوَاهِرَ مِنْ جُذُورِهَا! إِنَّهَا لَحْظَةُ اليَقَظَةِ!

المُعَالَجَةُ لَيْسَتْ شِعَارًا يُرْفَعُ، بَلْ خُطُوَاتٌ جَرِيئَةٌ تُتَّخَذُ:

* تَعْزِيزُ الرَّقَابَةِ الشَّامِلَةِ: جَعْلُ إِدَارَةِ الأُصُولِ كَالكِتَابِ المَفْتُوحِ لَا يَعْرِفُ سِرًّا وَلَا غُمُوضًا.

* إِعْلَاءُ الشَّفَافِيَّةِ المُطْلَقَةِ: فِي كُلِّ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَعَقْدٍ وَمُنَاقَصَةٍ.

* ضَمَانُ المُسَاءَلَةِ الصَّارِمَةِ: لَا تَسَامُحَ مَعَ مُخَالِفٍ، وَلَا تَرَدُّدَ فِي قَطْعِ يَدِ الفَسَادِ.

لَكِنَّ الأَهَمَّ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ... هُوَ القَائِدُ! فَلَنْ يَأْتِيَ هَذَا التَّغْيِيرُ المُنْتَظَرُ إلاَّ بِوُجُودِ قِيَادَاتٍ نَزِيهَةٍ، صَادِقَةِ الوَلاءِ لِلْوَطَنِ، تَعْمَلُ بِيَدٍ مَمْلُوءَةٍ بِالإِخْلاصِ لِلمَصْلَحَةِ العَامَّةِ فَوْقَ كُلِّ مَصْلَحَةٍ خَاصَّةٍ.

فهَلْ نُفِيْقُ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ؟

أمْ نَتْرُكُ سَرَطَانَ الأُصُولِ يَقْتُلُ حَيَاةَ مُسْتَقْبَلِنَا؟

الإِجَابَةُ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا.

اللَّهُمَّ هَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا، وَوَلِّ عَلَيْنَا خِيَارَنَا؛ لِيَبْرَأَ جَسَدُ الوَطَنِ مِنَ الدَّاءِ.