السودان في أسبوع : السودان حضور دولي ومؤشرات لإنتعاش إقتصادي قادم

بين صوت الحرب في الداخل وحراك الدبلوماسية في الخارج، شهد الأسبوع المنصرم مزيجاً من التباين في المشهد السوداني؛
حضور سياسي واقتصادي متصاعد في المحافل الدولية، يقابله تصعيد ميداني وإنساني مستمر داخل البلاد، بينما برزت قرارات اقتصادية جديدة تبعث الأمل في تحسن الأوضاع المالية واستقرار سعر الصرف.
هكذا مضى الأسبوع، بين معارك على الأرض وأخرى خلف الأبواب المغلقة، وبين تحديات الحرب وإشارات التعافي.
حضور دولي متنامٍ للسودان
القاهرة.. عمق العلاقات وأفق التعاون
في زيارة رسمية إلى القاهرة، التقى رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث ناقشا العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون المشترك في المجالات كافة. وأكد الجانبان على عمق العلاقات بين البلدين وأهمية ترسيخها بما يخدم مصالح الشعبين.
موسكو.. السودان في قلب أسبوع الطاقة الروسي
شارك وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل إبراهيم في جلسة ضمن فعاليات أسبوع الطاقة بموسكو بعنوان «روسيا - أفريقيا نحو تطبيق عملي لمشاريع الطاقة» ، حيث استعرض موارد السودان وإمكانياته، مؤكداً الحاجة لشراكات روسية تسهم في إعادة الإعمار. وأشار إلى أن السودان يسعى لتطوير علاقاته مع موسكو في إطار تعاون متكامل يخدم المصالح الأفريقية المشتركة.
كمبالا.. نداء في حركة عدم الانحياز
وفي العاصمة الأوغندية كمبالا، دعا وكيل وزارة الخارجية السفير حسين الأمين الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز إلى الوقوف مع السودان في حماية سيادته ووحدة أراضيه، وإدانة الانتهاكات التي ترتكبها المليشيات المتمردة بدعم خارجي.
دعم دولي لإعادة الإعمار
وعلى هامش الاجتماعات السنوية للبنك الدولي، التقى المستشار محمد نور عبد الدائم وزير الدولة بالمالية برئيس البنك الدولي أجاي بانغا الذي أعلن دعمه الكامل للسودان واستعداده للتدخل العاجل لدعم مشاريع إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي خلال الشهرين المقبلين، لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والبيئة.
لندن.. البحث عن سلام دائم
وفي العاصمة البريطانية لندن، شارك السفير بابكر الصديق رئيس البعثة في ندوة بعنوان «السلام المستدام في السودان: الفرص والعقبات والتحديات»، ناقشت التطورات السياسية والأمنية الراهنة، وقدمت أوراق علمية تناولت أبعاد الصراع وآفاق الحلول الوطنية، بحضور أكاديميين وخبراء سودانيين وأجانب.
المليشيا تغطي انكسارها بالمسيرات
على الصعيد الداخلي، تصاعدت العمليات العسكرية هذا الأسبوع مع سلسلة من الهجمات التي نفذتها المليشيا المتمردة بطائرات مسيّرة استهدفت مناطق في ولاية الخرطوم والولاية الشمالية، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية وبشرية. وأكدت مصادر عسكرية أن الدفاعات الجوية للجيش السوداني تصدت للهجمات وأسقطت معظم الطائرات المسيرة، ووصفت التطورات بأنها محاولة من المليشيا لتغطية هزائمها الميدانية في دارفور وكردفان.
وفي الفاشر، لا زالت القوات المسلحة والقوات المساندة لها تكبد المليشيا هزائم وخسائر فادحة العتاد والأفراد وتستولي كذلك عتاد كامل وتأسر عدد من مرتزقة المليشيا الإرهابية عبر تصديها لعدد من الهجمات خلال الاسبوع الماضي.
فيما حذرت مفوضية العون الإنساني من الكارثة الإنسانية الناتجة عن الحصار المفروض على المدنيين، وطالب المفوض العام بالإنابة أحمد محمد عثمان المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات عاجلة لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (2736) للعام 2024م، وتصنيف المليشيا المتمردة منظمة إرهابية، ووقف تدفق الأسلحة إليها من الدول الداعمة.
وأشار إلى أن استمرار الصمت الدولي شجع المليشيا على تكرار الحصار في مدن أخرى مثل الدلنج وكادقلي وبابنوسة والنهود والخوي، محذراً من تدهور الأوضاع الإنسانية واتساع دائرة النزوح.
تعديلات اقتصادية تبعث الأمل
في تطور اقتصادي لافت، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان قراراً بتعيين السيدة آمنة ميرغني حسن التوم محافظاً لبنك السودان المركزي، في خطوة رآها مراقبون بداية مرحلة جديدة للإصلاح المالي والنقدي.
وخلال أول اجتماع لها مع مديري عموم المصارف، أكدت المحافظ على أهمية التعاون بين البنك المركزي والمصارف التجارية لإنجاح السياسات النقدية وتحقيق الاستقرار المالي.
وشددت على أن المرحلة المقبلة ستتسم بالشفافية والمهنية والانضباط المؤسسي، مشيرة إلى أن البنك المركزي يواصل تنفيذ سياسات تستهدف استقرار سعر الصرف وكبح التضخم وضبط السيولة، إلى جانب إدارة فئات العملة الوطنية واستكمال عملية الاستبدال وطرح الفئات الجديدة.
كما كشفت عن مشروع المنصة الرقمية الموحدة لتحويل الأموال لحظياً ضمن جهود التحول الرقمي وتعزيز الشمول المالي، ودعت المصارف إلى توجيه التمويل نحو القطاعات الإنتاجية والزراعية والصناعية وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وأكدت كذلك حرص البنك على توسيع شبكة المراسلين مع الدول الصديقة، وبناء علاقات مصرفية دولية جديدة، وتنظيم تصدير الذهب واستيراد السلع الاستراتيجية، بما يدعم جهود استقرار الاقتصاد الوطني وتحسن سعر صرف الجنيه السوداني.
بينما يسعى السودان لتثبيت حضوره على الخارطة الدولية وكسب دعم العالم لجهوده في إعادة الإعمار، تتواصل تحديات الحرب في الداخل بكل ما تسببه من مآسٍ إنسانية، فيما تلوح في الأفق مؤشرات انتعاش اقتصادي محتمل قد تمنح المواطن بعض الأمل في غدٍ أكثر استقراراً.
هكذا اختُتم الأسبوع السوداني؛ مزيج من المواجهة والبناء، وسباق بين رصاص الحرب وأمل الإصلاح.