✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية ؛ عودة محسوبة لمشروع الإستعادة والبناء
اتسال في اليوم اكثر من مرة والكثيرون مثلي متي العودة للسودان وهذا سؤال الغالبية الكادحه والمحرومه من دف الوطن و المجروحه من ويلات الحرب و الذين يتالمون كل ليله وهم بعيدين عن الديار ينتظرون في كل لحظة خبر مفرح لكن تزعجهم تلك (المسيرات) العابرة تقلق( افكارهم) اي قرار لا يصب في مصلحة الوطن عيونهم على نشرات الاخبار ووسائل التواصل الاجتماعي يفرحهم خبر تحرير مدينه اوهلاك اعداء الوطن
لكن في زمنٍ( يتشكَّل فيه الوطن) من جديد تحت وطأة الحرب وآلام الناس، لم تعد (العودة إلى السودان) مجرّد رحلة سفر أو قرار عابر يمكن اتخاذه في لحظة عاطفة. لقد أصبحت( العودة موقفاً وميزاناً دقيقاً) بين( الحنين والواجب) ، بين( الخوف والأمل) ، وبين قلب يشتاق إلى تراب دنقلا والشمالية والخرطوم وكل بقاع السودان، وعقل يقرأ (تعقيدات المشهد) بعينٍ لا تنكر الحقائق.
إنّ بطء العودة لا يعني ضعف الانتماء ولا التخلّي عن الوطن، بل هو أحياناً أسمى درجات المسؤولية. (فعودة بلا رؤية) قد تتحوّل إلى عبء جديد على بلد ينهض من تحت الرماد، بينما (عودة محسوبة) قد تكون لبنة تُضاف إلى مشروع الاستعادة والبناء. كثيرون اليوم، في المنافي القريبة والبعيدة، يعيشون هذا الصراع الداخلي: بين شوقٍ يجرّهم إلى ضفاف النيل وبيوت الأهالي، وبين واقع أمني واقتصادي وسياسي لم يستقر بعد، يجعل الخطوة أكبر من أن تُؤخذ بخفّة.
وما بين تلك( المسافة الزمنية) التي تفصلهم عن العودة، تظل الأسئلة معلّقة:
هل ستعود الحياة كما كانت؟
هل سيجد الناس بيوتهم، عملهم، مدارس أطفالهم؟
هل سيعود السودان أمناً وطمأنينةً وبلداً يجمع أبناءه بعد أن فرّقتهم الحرب؟
هذه الأسئلة ليست هروباً، بل هي حقّ مشروع في ظل بلد يعيش أخطر تحولاته منذ عقود. فالكثيرون ينتظرون أن تتضح ملامح الدولة الجديدة؛ دولة أكثر عدلاً، وأكثر انتماءً لشعبها، وأكثر قدرة على حماية مواطنيها. ينتظرون أن (تهدأ أصوات الرصاص) ، وأن تعود الدولة التي (تُعامل المواطن كقيمة، لا كرقم) .
ومع ذلك، يبقى في القلب يقينٌ لا يتزعزع بأن السودان – رغم جراحه – يرجع أقوى. فمن داخله الآن تُولد روح جديدة، تخرج من بين صبر الأمهات، ووجع الفاشر والجزيرة والخرطوم، ومن صمود الناس الذين اختاروا البقاء، ومن عزيمة من هم في الخارج ويحضّرون للعودة في اللحظة التي تفتح فيها الأبواب.
إنّ( العودة المحسوبة) هنا ليس تأخيراً؛ إنما هو استعداد… استعداد لعودة مختلفة، لنفسٍ عرفت قيمة الوطن بعد فقده، ولأيدٍ مستعدة لبداية مشوار إعادة الإعمار.
وفي نهاية المطاف، سيعود الجميع…
(سيعودون لا كأفراد مشتتين) ، بل (كأمة تحمل درس الحرب على ظهرها) ، وتعرف أن (السودان أكبر من الألم)، و(أعمق من الخراب) ، و(أقدر على النهوض) مهما طال الزمن حتما سنعود الي دف الوطن
فالعودة إلى السودان ليست سؤال “متى؟”
بل هي وعد… ووعد الوطن لا يخيب وسودان مابعد الحرب اقوي واجمل .


