وزير الثقافة والإعلام والسياحة خالد الإعيسر : لا توجد خلافات .. وغادرت السودان لهذه الاسباب ... حاوره : محمد جمال قندول

حوار : وزير الثقافة والإعلام والسياحة خالد الإعيسر " :
لا توجد خلافات .. وغادرت السودان لهذه الاسباب(........)
أنا جزء من منظومة الدولة
وأؤمن بالعمل من الداخل والخارج..
نعمل فى الحكومة كفريق واحد منسجم..
زيارتي للمتحف البريطاني كانت ذات طابع ثقافي ورمزي عميق..
ما يميز هذه المرحلة وجود إرادة حقيقية للتغيير.
حوار : محمد جمال قندول
الاستاذ خالد الاعيسر وزير الثقافة والإعلام والسياحة " السوخوي"، شخصية ملأت الدنيا وسغلت الناس منذ ان اختار الوقوف إلى جانب الجيش مدافعا ومنافحا عن عزة السودان وأرضه وشعبه ،اعتمده السودانيون لسانا معبرا عنهم وهو يخوض حرب الإعلام بضراوة وحماس حيث استطاع أن يرجح كفة الجيش اينما وجد وتحدث، وقد لقي تعيينه وزيرا للاعلام ترحيبا كبيرا فى أوساط السودانيين بالداخل والخارج وشكل إعفاءه ضمن ترتيبات إعلان حكومة الدكتور كامل ادريس ذات الزخم.
الاسافير اشتعلت حينما تأخر اعلان اسمه فى الحكومة الجديدة، ولم تهدأ إلى ان عاد وزيرا للاعلام، ارتبط اسم الاعيسر خلال الفترة الاخيرة بكثير من الاسئلة والملاحظات حيث تضاربت الروايات حول علاقته بالقيادة فى بورتسودان واسباب مغادرته للعاصمة الادارية وبقائه بلندن حتى الان، فالي مضابط الحوار الذى أجاب الاعيسر على أسئلته بجرأته وشجاعته المعهودة، فماذا قال:
بدايةً، حدثنا عن زيارتك آلى المتحف البريطاني أمس، مع العلم أنك ثاني وزير سوداني يزور هذا الصرح؟
زيارتي للمتحف البريطاني كانت ذات طابع ثقافي ورمزي عميق، ليس فقط لكوني ثاني وزير سوداني يزور هذا الصرح العريق، ولكن لما يحمله المتحف من إرث عالمي يحتوي على قطع أثرية سودانية تعكس عمق حضارتنا. تركزت الزيارة على فتح آفاق للتعاون في مجالات استرداد الآثار، والعرض المشترك، والتوثيق الرقمي، بالإضافة إلى مناقشة برامج تدريبية لبناء قدرات كوادرنا في المتاحف والآثار.
هناك أقاويل تتمدد في ظل الفراغ، منها سؤال شامل: لماذا غادرت السودان؟
أفهم تماماً هذا التساؤل، وهو مشروع في ظل ما يمر به السودان من تعقيدات. مغادرتي كانت في إطار مهام رسمية، وبعضها شخصي علاجي، ولم تكن مرتبطة بأي خلافات أو مواقف سياسية، أنا جزء من منظومة الدولة، وأؤمن بالعمل من الداخل والخارج لخدمة السودان، سواءً عبر الحضور الميداني أو من خلال علاقاتنا الخارجية التي نبنيها لصالح القطاعات التي نشرف عليها.
كيف تقرأ حقبة حكومة الأمل؟ وما هي توقعاتك لها؟
حكومة الأمل جاءت في ظرف وطني دقيق، محملة بتطلعات شعبية كبيرة. هي حكومة انتقالية تسعى إلى تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتهيئة البلاد للانتقال الديمقراطي. التحديات جسيمة، لكن ما يميز هذه المرحلة هو وجود إرادة حقيقية للتغيير، وتوازن أفضل في تمثيل المكونات الوطنية. أتوقع أن تحدث الحكومة اختراقات مهمة في ملفات الإصلاح المؤسسي وإعادة هيكلة الخدمة المدنية، بشرط أن تتوفر الإرادة والدعم الشعبي.
تقييمك لفترتك الأولى بوزارة الإعلام، وما تحقق فيها؟
في فترتي الأولى، ركزنا على إعادة هيكلة المؤسسات الإعلامية، وتعزيز م، مع بدء خطوات جادة نحو التحول الرقمي، وإرساء أسس لحرية التعبير مع احترام القانون من خلال ورشة تعديل قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2009م. أطلقنا أيضا مبادرات مهمة مثل "ميثاق الشرف الإعلامي"، وبدأنا في بناء جسور تعاون إقليمي ودولي للإعلام السوداني. لا أدعي الكمال، لكنني فخور بما تحقق في ظل إمكانيات محدودة للغاية وتكاد تكون شبه معدومة وسياق سياسي متقلب وأجواء حرب ودمار ممنهج تم للمؤسسات الإعلامية بفعل جرائم ميليشيا الدعم السريع المتمردة. كثير من الناس لا يعلمون أن وزارتنا تعمل بطاقم لا يتجاوز 12 موظفاً وموظفة ووزير واحد، يتحملون مسؤولية تسيير مهام ثلاث وزارات كاملة، إضافة إلى مكتب الناطق الرسمي، والإشراف على عشرات المؤسسات التابعة للوزارات الثلاث، بما في ذلك الإذاعات، والتلفزيونات، والمسارح، والمتاحف، والآثار، والمجالس الفنية والثقافية، فضلاً عن المؤسسات المعنية بالصحافة والمطبوعات والإعلام.
وفي هذا السياق، يحضرني المثل الشعبي المعروف: "الفي البر عوام"، فالحكم من بعيد لا يعكس حجم الجهد ولا تعقيد الواقع اليومي الذي نعيشه.
وهنا، من الواجب أن نتوجه بالشكر والتقدير إلى الأقلام الوطنية الصادقة والنزيهة التي ساندت جهود الوزارة، ووقفت إلى جانب خططها، وأسهمت بالرأي السديد والكلمة المسؤولة.
ومن منطلق هذا التقدير، نُحيي الصحفيات والصحفيين داخل وخارج السودان، الذين شكلوا ركيزةً وطنية أساسية وأملاً حقيقياً في مشروع النهضة ضمن مسار حكومة الأمل.
وتحية خاصة لأسرة صحيفة الكرامة - إدارة وقيادة وكتابا وصحفيين وعاملين - على ما قدموه من أدوار مشهودة في مناصرة الهم الوطني، في ظرف تاريخي عصيب تمر به البلاد.
هل للسوخوي خلافات كما يُروّج البعض مع بعض قيادات الدولة؟
"السوخوي" مصطلح إعلامي شاع استخدامه في وسائل التواصل الاجتماعي لوصف بعض المواقف أو التوجهات داخل دولة ما زالت تعيش حالة حرب واستقطاب حاد. وفي ظل هذا الواقع، فإن الخصوصية في اتخاذ المواقف أمر طبيعي وضروري. ومع ذلك، من المهم التأكيد أن هذا المصطلح لا يعكس بأي حال من الأحوال واقعاً تنظيمياً داخل مؤسسات الدولة.
ما يجب أن يتذكره الناس هو أننا قبلنا تحمل الأمانة في ظرف بالغ التعقيد، ظرف يتطلب سرباً من طائرات السوخوي، لا سوخوي واحدة فقط. نحن في الحكومة نعمل كفريق واحد ومنسجم، ونتفق على السياسات الكُبرى والسيادة الوطنية، ونضع مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتبار. لا خلافات بيننا، بل هناك تنوع في الآراء يصب في مصلحة القرار الجماعي وخدمة الأرض والشعب.
ما هي خططك خلال فترتك الجديدة في الوزارة؟
المرحلة المقبلة تتطلب العمل على ثلاث مسارات رئيسية: أولاً، تطوير البنية التشريعية بما يضمن حرية الإعلام مع تحمل المسؤولية. ثانياً، تحويل الإعلام الرسمي إلى مؤسسات مهنية ذات كفاءة واستقلالية حقيقية. ثالثاً، استثمار الإعلام الرقمي كأداة لتعزيز الهوية الوطنية، وبناء رأي عام واعٍ، وضبط الخطاب الإعلامي بما يخدم الاستقرار المجتمعي.
كما سنركز على تعزيز الشفافية، وضمان الوصول إلى المعلومات، وتوسيع التعاون مع المنظمات الدولية في مجالات التدريب والإعلام التنموي.
ثقافياً، لدينا خطط وبرامج محكمةت لتطوير البُنى الثقافية، والتواصل مع المبدعين ورعايتهم، وتأهيل المسارح، والأندية الثقافية، والمكتبات العامة. وسنعمل أيضاً على صيانة وترميم المتاحف، وملاحقة الآثار المنهوبة بالتنسيق مع الجهات المختصة داخلياً وخارجياً.
أما في قطاع السياحة، فقد صممنا خططاً طموحة لإحياء هذا المجال بعد الحرب، بما يشمل الترويج لمقومات السودان السياحية، وتحديث البنى التحتية، وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار في هذا القطاع الواعد.
السياحة أُضيفت لمسؤولياتك، هل من خطة واضحة للنهوض بهذا القطاع؟
بالفعل، والسياحة تمثل فرصة حقيقية لإعادة تقديم السودان للعالم، بعيداً عن الصور النمطية. نعمل حالياً على إعداد خطة استراتيجية قصيرة ومتوسطة المدى، تشمل الترويج للمواقع الأثرية، تطوير البنية التحتية السياحية، وتحسين التشريعات الداعمة للاستثمار السياحي. سنطلق حملة وطنية للترويج لسياحة ما بعد النزاع، ونخطط لتوقيع اتفاقيات شراكة مع دول الجوار والمنظمات الدولية المتخصصة في السياحة المستدامة. الهدف هو تحويل السياحة إلى مصدر دخل قومي فعال.