رؤية جديدة السودان

رؤية جديدة السودان

قناة رؤية جديدة
أهم الأخبار
رئيس مجلس السيادة يلتقي وزير الخارجية المصري د. كامل إدريس : عودة عضوية السودان في الإتحاد الأفريقي مسالة وقت وزير الطاقة يبحث مع السفير الروسي التعاون في النفط والكهرباء ✍ الطريفي ابونبأ : عِرق في السياسة ؛ الشرطة الصحية لإنقاذ الوضع الصحي والمرضى رؤية جديدة : خاص تصريف مياه سد النهضة دون تنسيق هل يشكل إعلان حرب إثيوبية ضد الشعب السوداني؟ ✍ أحلام محمد الفكي : إقرارات الذمة” : مفتاح ”حكومة الأمل” لإنتصار الشعب على ”الفساد” ! رئيس الوزراء : أجرينا حراكاً واسعاً بالأمم المتحدة لفك الحصار عن الفاشر وتصنيف المليشيا تنظيماً إرهابياً ”أفق الحدث”.. رحلة سودانية تعانق أسئلة الزمن في مهرجان المتوسط ✍ د. طارق عشيري : همسة وطنية ؛ هل يتحقق حلم بناء مدينة حجاج السودان؟ يوم علاجي مجاني لنازحي حوش مليط بالدبة إحتفالاً باليوم العالمي لكبار السن إستقبالات حاشدة لرئيس الوزراء بعد مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ✍ فتح الرحمن النحاس : بالواضح ؛ ميدان الحرب يسع الآن كل شرفاء الأمة

رؤية جديدة : خاص تصريف مياه سد النهضة دون تنسيق هل يشكل إعلان حرب إثيوبية ضد الشعب السوداني؟

أثار إعلان السلطات السودانية عن قيام إثيوبيا بتمرير كميات كبيرة من مخزون سد النهضة دون أي تنسيق مسبق، جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والفنية. الخطوة، التي يصفها خبراء بأنها "تصريف مفاجئ للمياه"، تضع العلاقات السودانية الإثيوبية أمام اختبار جديد، وتثير المخاوف من تداعياتها على أمن السودان المائي والزراعي.

خلفية تاريخية

منذ الشروع في بناء سد النهضة ظل كمشروع مائي محور خلافات متصاعدة بين إثيوبيا ودولتي المصب، السودان ومصر. ورغم توقيع اتفاق "إعلان المبادئ" في الخرطوم عام 2015، والذي نصّ على مبدأ التعاون وعدم الإضرار، إلا أن أديس أبابا مضت في خطوات أحادية، من أبرزها الملء الأول والثاني والثالث والرابع دون اتفاق شامل.

تطمينات إثيوبية متكررة

لم تخلُ السنوات الماضية من سلسلة تطمينات رسمية إثيوبية:

هايلي مريام دسالين، رئيس الوزراء الأسبق، أكد مراراً أن سد النهضة "مشروع تكاملي" لا يستهدف الإضرار بالسودان أو مصر.

آبي أحمد، رئيس الوزراء الحالي، وقف أمام البرلمان السوداني عام 2018 متعهداً بأن "المياه لن تكون سبباً في خلاف بين الشعبين".

سيمجنيو بيكيلي، مدير سد النهضة الذي اغتيل في أديس أبابا عام 2018، أكد في أكثر من تصريح أن تشغيل السد سيأخذ في الاعتبار مصالح دول الجوار.

الوضع الراهن

وفق مصادر رسمية وفنية سودانية، فقد أقدمت إثيوبيا في الأسبوع الماضي على تصريف كميات مقدرة من المياه من بحيرة السد، دون إخطار أو تنسيق مع الجانب السوداني.

وتشير التقديرات إلى أن كمية المياه الواردة تجاوزت 700 مليون متر مكعب في اليوم، أدى ذلك إلى إرتفاع مفاجئ في منسوب نهر النيل الأزرق عند محطات القياس في الروصيرص وسنار والخرطوم، وعلى الرغم من أن التصرفات في موسم الفيضان سابقا كانت تصل إلى قيم أكبر من تلك، إلا أن توقيت هذه الكمية كان لها تأثيرا كبيرا في الأنماط الهيدرولوجية للمناسيب.

وعليه غمرت المياه بعض المناطق الزراعية على ضفاف النيل الأزرق والنيل الرئيسي، كما تأثرت أنظمة الري في مشاريع الجزيرة والرهد، حيث اضطرت الجهات المختصة إلى فتح بوابات بعض الخزانات بشكل طارئ.

المخاطر على السودان

وفق ذلك برزت لحيز الوجود مخاطر بالضرورة إنها كانت معلومة مسبقا للجانب السوداني ولكن لم توضع في الإعتبار للتطمينات الإثيوبية السابقة، ويمكن أن نجمل تلك المخاطر في التالي:

مخاطر فنية: التغييرات المفاجئة في منسوب المياه تعرض سدود السودان (خاصة الروصيرص وسنار) لضغوط غير محسوبة، وهو ما قد يؤثر على بنيتها وسلامتها.

مخاطر زراعية: فقدان المزارعين لجدول ري مستقر، وغمر مساحات من الأراضي بالفيضانات، مما يهدد إنتاج الموسم الشتوي.

مخاطر اجتماعية: نزوح جزئي للأسر على ضفاف النيل في بعض الولايات المتأثرة، وزيادة تكلفة الصيانة والتعويضات.

مخاطر سياسية: تعزيز الشكوك بين الشعب السوداني وقيادته والقيادة الإثيوبية، بما يجعل أي خطوة أحادية تُقرأ كتهديد مباشر للأمن القومي.

ردود الأفعال

في الجانب الحكومي السوداني كان إلتزام الصمت الرسمي نحو إثيوبيا هو الأبرز حتى الآن، لكن مصادر داخل وزارة الزراعة والري أكدت وجود استياءً من التصرف الإثيوبي الأحادي.

أما في جانب الخبراء والفنيون المتابعون وصفوا الخطوة بأنها "غير مبررة"، مؤكدين أن التصريف دون إخطار يعكس غياب الشفافية ويشكل خرقاً للمواثيق الدولية.

فيما تصاعدت أصوات الرأي العام السوداني التي اعتبرت أن "تصريف المياه دون تنسيق يشكل إعلان حرب إثيوبية صامتة ضد الشعب السوداني".

قراءة مستقبلية

تؤكد هذه التطورات أن أزمة سد النهضة دخلت مرحلة أكثر خطورة، فغياب التنسيق لا يعني فقط تهديداً لحياة السودانيين، بل ينذر بتصدع كامل في الثقة بين الخرطوم وأديس أبابا، وإذا لم تعُد إثيوبيا إلى مسار التفاوض الجاد والالتزام بالشفافية، فإن كل تصريف للمياه سيُترجم سودانياً بأنه خطوة عدائية، وربما مقدمة لصدامات سياسية وإقليمية أوسع تنتقل للداخل الإثيوبي، كنتيجة لعدم إكتراثها وللضرر الذي تسببت فيه، بجانب تحول السد من مشروع للتعاون لأداة عدائية تنسف إستقرار الإقليم.