✍ بدر الدين الباشا : الكرة السودانية في غرفة الإنعاش وإتحاد الكرة عاجز

إتحاد كرة القدم السوداني أفرغ كرة القدم في البلاد من محتواها، فلم تعد لها قيمة أو معنى أو تأثير. وبسبب هذا الوضع المختل، ستعاني الكرة السودانية معاناة شديدة في الفترة المقبلة نتيجة توقف النشاط التنافسي وتجميده بسبب الحرب، وفشل الاتحاد في إيجاد حلول عملية لإعادة النشاط.
لم يُعر الاتحاد أي اهتمام للانتقادات أو المناشدات أو مطالب الأندية الساعية لتحسين الأداء العام ومعالجة التدهور الذي أصاب اللعبة. لقد تجاهل اتحاد الكرة صوت الميدان وكأن كرة القدم السودانية لا تستحق الإنقاذ.
مرت الكرة السودانية عبر الاتحاد الحالي بفترات صعبة وتحديات كبيرة، خاصة مع اندلاع الحرب وتأثيرها المباشر على النشاط الرياضي. وحتى قبل الحرب، شهدت الساحة تأجيلاً متكرراً وإلغاءً للمباريات بسبب الظروف الأمنية والسياسية التي أضعفت قدرة الاتحاد على تنظيم المنافسات.
الأندية الكبرى مثل الهلال والمريخ واجهت ضغوطاً كبيرة للمشاركة في البطولات الخارجية، بينما فشل الاتحاد في إقامة الدوري المحلي، وهو الأساس الذي تُبنى عليه المنتخبات. وبينما اجتهدت بعض الأندية في البحث عن حلول بديلة، وصلت الأمور حد طلب نادي الهلال المشاركة في الدوري الجزائري، في خطوة تعكس حجم اليأس من الاتحاد، لكن الأخير تجاهل الطلب، ما أثار تساؤلات كثيرة حول علاقته المتوترة بالأندية.
يعاني اتحاد الكرة من مشكلات مالية وتنظيمية كبيرة أثّرت على قدرته في إدارة النشاط الرياضي بكفاءة. ولا توجد أي جهود حقيقية لتحسين الوضع، باستثناء محاولات باهتة لتنظيم ما سُمّي بـ«دوري السوبر السوداني» بمشاركة ثمانية أندية، وهو مشروع لم يتجاوز حدود التصريحات. ألغى الاتحاد كتلة أندية الممتاز، وتوقفت كورسات تأهيل المدربين والإداريين، فيما يتناوب أربعة مدربين فقط على تدريب المنتخبات الوطنية، وهو رقم يعكس حجم الفقر الفني والإداري الذي تعيشه المنظومة.
أزمة التأهل والهبوط في الدوري الممتاز مؤجلة منذ شهور، والاتحاد يواصل الإعلان عن مواعيد جديدة لبداية المنافسة دون تنفيذ. وفي عهد الاتحاد السابق برئاسة الدكتور كمال شداد، ورغم ضعف الإمكانات، كان هناك التزام بالصرف على منافسات الدوري الممتاز والوسيط والسيدات، ودعم الأندية والاتحادات المحلية، وصرف منتظم على المنتخبات ورواتب العاملين، بل حتى توزيع للكرات على الاتحادات.
أما اليوم، وبرغم الدعم الكبير الذي يتلقاه الاتحاد الحالي، فإن خزينته خاوية كما أعلن مسؤولوه أنفسهم. ثم نسمع أمين المال أسامة عطا المنان يقول إن له مديونية على الاتحاد صرفها على المنتخبات! أي منطق هذا؟ وأي إدارة مالية تلك التي تنتهي بالخزينة فارغة والدعم مفقود؟
كرة القدم السودانية في خطر حقيقي. اتحاد بلا رؤية، ونشاط متوقف، وأندية محبطة، وجماهير فقدت الثقة. ما لم يُصحَّح المسار وتُحاسب الإدارة على أدائها، فسيأتي اليوم الذي تنهار فيه المنظومة الكروية بالكامل، ويصبح التاريخ وحده شاهداً على زمنٍ أُفرغت فيه الكرة السودانية من روحها ومعناها.