✍ د. طارق عشيري : هل تنجح المبادرة السعودية في حل الأزمة السودانية؟
سعدت وان اتصفح مواقع الصحف العالميه والعربيه وقنوات مثل الحدث والجزيرة وهي تنقل بشريات عن اقتراب حل حرب السودان وامال اهل السودان بتلك المبادرة السعودية التي قدمت من قبل ولي العهد محمد بن سلمان وحديث ترامب لحل المشكلة نحن كسودانين دائما (نهتم بشدة) مع الحلول التي تاتي من دول الغرب وخاصة امريكا في لحظة يتقاطع فيها( الألم مع الأمل) ، ويقف السودان على حافة مفترق طرق بين الانهيار والترقب الي أي مدى تنجح المبادرة السعودية في حل أزمة السودان؟
تمثل المبادرة السعودية لإيقاف الحرب في السودان واحدة من أهم الجهود الإقليمية لإعادة الاستقرار إلى بلد يشهد واحدة من أعقد الأزمات في تاريخه الحديث. فالمملكة، بثقلها السياسي والاقتصادي والدبلوماسي، (تحاول بناء مسار يضع السودان على طريق السلام) ، وسط( صراع تتداخل فيه القوى المحلية والإقليمية والدولية) . لكن السؤال الجوهري: هل تمتلك المبادرة القدرة على إيقاف نزيف الحرب؟
لم تأتِ المبادرة من فراغ؛ فالسعودية تمثل في الوقت الحالي قوه سياسية مسموعة الصوت لدي الولايات المتحدة الأمريكية وهي (تنظر للسودان باعتباره شريكاً أساسياً في أمن البحر الأحمر) واستقرار المنطقة. كما أن تاريخ العلاقات بين البلدين يتيح مساحة من الثقة، جعلت المملكة منصةً مقبولة لدى الطرفين. وقد عززت مفاوضات جدة السابقة هذا الدور، إذ رغم تعثرها، كشفت أن السعودية قادرة على جمع الأطراف، وتهيئة بيئة للحوار لا تتوفر في دول أخرى.
إضافة إلى ذلك، (تُعد المملكة وسيطاً مقبولاً دولياً) ، لارتباطها بعلاقات متوازنة مع أوروبا والولايات المتحدة، ما يمنح مبادرتها زخماً دولياً كبيراً، ويجعلها قادرة على حشد دعم سياسي ومالي لأي اتفاق مستقبلي.
لكن رغم ذلك من وجهة نظري الشخصية ان هناك تحديات تعترض طريق المبادرة مجموعة من العقبات المعقدة، أبرزها:
تعقيد الواقع العسكري على الأرض حتي لحظة كتابة هذا المقال حيث الحرب اتسعت رقعتها، وتداخلت فيها الأجندات والمليشيات، وتضررت المدن الكبرى مثل الفاشر ونيالا و الجنينه واجزاء واسعه من دارفور. هذا الواقع يجعل أي اتفاق هشّ ما لم يُرفق بآلية مراقبة قوية.
وكذلك انعدام الثقة بين الأطراف السودانية بين الجيش والدعم السريع وصلت إلى( نقطة الصفر) ، وكل طرف يرى أنه قادر على تحقيق مكاسب عسكرية إضافية. وفوق كل ذلك ( الانسداد السياسي) يُضعف فرص أي مبادرة مهما كانت قوتها.
و تضارب الإرادات الدولية حيث السودان أصبح ساحة تجاذب بين( واشنطن وموسكو وبعض القوى الإقليمية) ، مما يجعل أي مبادرة تتطلب (توافقاً واسعاً) لا يتوفر بسهولة.
ولكن رغم ذلك ما الذي يمكن أن تحققه المبادرة؟
من المرجح أن تنجح المبادرة السعودية في تحقيق تقدم مرحلي وليس حلاً نهائياً، وذلك عبر:
العمل علي وقف إطلاق نار محدود في بعض الجبهات المشتعلة.
. فتح ممرات إنسانية للمناطق المحاصرة، خصوصاً في دارفور والفاشر علي وجه الخصوص ام كردفان بعد المعارك الأخيرة وسقوط عدد من المدن المحيطه بمدينة الابيض اصبحت عدد من الممرات امنه
لكن اكبر نجاح للمبادرة ان تعمل علي (تهيئة مسار سياسي) يجمع المدنيين والعسكريين على طاولة واحدة وهذه عقبه ظلت موجوده منذ منبر جده وايضا في الرباعية
و بناء الثقة بين الأطراف كبداية لعملية سياسية أوسع يحتاج الي مجهودات كبيرة يقع عاتقها علي المملكة العربية السعودية
لكي يتحقيق ذلك يتطلب توافقاً سعودياً ـ أمريكياً ـ مصرياً ـ (إماراتياً) ، إضافة إلى استعداد الأطراف السودانية للتنازل عن مواقفها المعروفه لدي المجتمع الدولي .
والسؤال الذي يظل مفتوح هل يمكن أن تنهي السعودية الحرب؟
لن تتمكن المبادرة السعودية وحدها من إنهاء الحرب، لكنها أقوى فرصة حالية لفتح باب الحل. فهي قادرة على كسر حالة الجمود، وإعادة الأطراف إلى مسار التفاوض، وتخفيف المعاناة الإنسانية الهائلة. إلا أن النجاح الكامل يتطلب إرادة سياسية سودانية صادقة، وتوافقاً دولياً وإقليمياً واسعاً.
وفي نهاية المطاف، تظل مبادرة المملكة خطوة مهمة في طريق طويل، يحتاج إلى شجاعة القرار، ووحدة الجهود، وإدراك الجميع بأن( السودان لا يحتمل مزيداً من النزيف) .
تبرز (المبادرة السعودية) كنافذة ضوء وسط عتمة الحرب التي التهمت المدن والقرى وأطفأت حياة الملايين. وبين( تعقيدات الصراع وتشابك المصالح) ، تبدو (المملكة كأقرب قوة قادرة على إعادة ترتيب المشهد) (وإحياء المسار السياسي المفقود) .هل تستطيع المبادرة السعودية أن تكسر دائرة الدم وتفتح باب السلام الحقيقي؟


