✍ أحلام محمد الفكي : الديمقراطية المفترى عليها ؛ وهم المليشيا المسلحة

ما يزال يثير في نفسي حيرة كبيرة ويجعلني أتساءل عن كيف يمكن لسياسي عاقل أن يتوهم أن مليشيا قبلية، قامت على أساس العنف والفئوية، يمكنها أن تكون الأداة التي تحقق الديمقراطية في بلد عظيم مثل السودان؟ هل هذا التصور معقول حقًا؟ إن الديمقراطية ليست شعارًا يُرفع في الميادين، بل هي منظومة قيم ومؤسسات تترسخ في وجدان الأمة، وتُحترم فيها حقوق الجميع دون تمييز. فكيف لمن سلب الناس أمنهم وأمانهم أن يدعي أنه حامي الديمقراطية؟
إنها ليست مجرد مغالطة بل هي افتراء صارخ على المبادئ التي بُنيت عليها الأمم الحرة.
إن المليشيا التي تتغنى بالديمقراطية والعدالة هي نفسها التي أخرجت الناس من بيوتهم، وسلبتهم أبسط حقوقهم، ولم تميز بين المدنيين وغيرهم. لقد شاهدنا بأعيننا الفظائع التي ارتكبت، والمنازل التي هُجرت، والأرواح التي أُزهقت. فهل يمكننا بعد كل هذا أن نثق في قدرتها على إدارة دولة بكل تعقيداتها؟
إن الديمقراطية لا تُبنى على أنقاض البيوت المحروقة، ولا تُقام على جماجم الأبرياء. إنها تتطلب مؤسسات قوية، جيشًا وطنيًا موحدًا، وقضاءً مستقلًا، وكل هذه الأشياء تتناقض تمامًا مع طبيعة المليشيات. وإن تاريخ هذه المليشيا يخبرنا أن ولاءها الأول ليس للوطن، بل هو للقبيلة والمصالح الخاصة.
لذا، فإلى متى سنظل نخدع أنفسنا؟
وإلى متى سنظل نسمع لأصوات تدعي أن هذه المليشيا هي الحل؟
إنها محاولة بائسة لتقديم الذئب في ثوب الراعي. إن السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو رفض هذا المنطق تمامًا والعمل على بناء دولة حقيقية دولة لكل السودانيين، لا دولة تسيطر عليها فئة مسلحة تدعي لنفسها حق حكم البلاد.
حمى الله بلادنا من كل شر ونصر الله جيشنا على كل باغى وظالم.