التعليم العالي ؛ تشكيل الوعي وإعادة البناء تقرير : إسماعيل جبريل تيسو

التعليم العالي ؛ تشكيل الوعي وإعادة البناء
تقرير : إسماعيل جبريل تيسو
تفقد عضو مجلس السيادة، مساعد القائد العام للقوات المسلحة، رئيس اللجنة العليا لتهيئة بيئة العودة إلى ولاية الخرطوم، الفريق مهندس مستشار إبراهيم جابر إبراهيم، مقر الجامعة الوطنية بالحي الراقي جنوب الخرطوم، يرافقه والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة ولجنة أمن ولايته، وقد كان في استقبالهم بروفيسور قرشي محمد علي رئيس الجامعة، حيث وقف الوفد الزائر على أحوال الطلاب والأقسام المختلفة للجامعة، بما فيها مستشفى الراقي الذي عاد للخدمة، واستمع الوفد إلى المشكلات التي تواجه إدارة الجامعة وأعضاء هيئة التدريس والطلاب.
دلالات ومعطيات:
وشكّلت زيارة عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر إلى الجامعة الوطنية بالخرطوم حدثاً لافتاً من حيث دلالات التوقيت، ومعطيات المضمون، ذلك أن الجامعة تُعد من أوائل الجامعات الخاصة التي بادرت إلى استئناف الدراسة في قلب العاصمة رغم المخاوف الأمنية والتحفظات المتعلقة بجهوزية الخرطوم لاستقبال الطلاب بعد نحو ثلاث سنوات من اندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل 2023م، وبإجماع مراقبين فإن الزيارة تأتي في سياق رمزي يعكس عودة مظاهر الحياة الأكاديمية تدريجياً إلى العاصمة، وهو أمرٌ يؤكد ثقة الدولة في قدرة المؤسسات الوطنية الخاصة على أداء دورها في إعادة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، جنباً إلى جنب مع الجامعات الحكومية، كما تعكس الزيارة تقديراً من القيادة العليا للدولة للمؤسسات التي تتحمل مسؤوليتها الوطنية في ظروف استثنائية، وتغامر في سبيل استمرار العملية التعليمية وعدم تعطيل مستقبل آلاف الطلاب.
دور محوري للطلاب:
ومع عودة النشاط الجامعي، يبرز الدور المحوري لطلاب الجامعات في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان، ذلك أن الشباب الجامعيين يمثلون الكتلة الأكثر تأثيراً في تشكيل الوعي العام، وصياغة الرأي الوطني، ومن هنا تأتي مسؤوليتهم في نبذ خطاب الكراهية والانقسام الذي أضعف النسيج الاجتماعي خلال الحرب، ويُنتظر من طلاب الجامعات أن يتحولوا إلى منصات للوعي الوطني تنادي بالتسامح والتعايش، وأن يسهموا في دعم سرديات الوحدة الوطنية، وإحياء قيم الانتماء للسودان الواحد المتنوع ثقافياً وعرقياً، بعيداً عن دعاوى القبلية والعنصرية والانتماءات الضيقة، كما يُعوّل عليهم في قيادة مبادرات الحوار المجتمعي داخل الجامعات وخارجها، وابتكار خطاب وطني جامع يعيد الثقة بين مكونات المجتمع، ويُمهّد الطريق لمصالحة وطنية شاملة تؤسس لسودان جديد أكثر استقراراً وعدالةً، وهي المفاهيم ذاتها التي أكد عليها الفريق إبراهيم جابر الذي دعا إلى ضرورة أن تتبنى الجامعات السودانية حملة لدعم الوحدة الوطنية ومحاربة دعوات القبلية والانتماءات الضيقة، من أجل تعزيز الوعي المجتمعي الذي يسهم في تعزيز النهضة الفكرية والتنمية العمرانية الشاملة.
دعم معنوي:
ويرى الخبير الاستراتيجي دكتور معاوية علي عوض الله، أن اختيار الفريق جابر زيارة مقر الجامعة الوطنية بالخرطوم، يحمل بين طيَّاته رسالة دعم معنوي واضحة للقطاع الخاص في التعليم العالي، ويؤكد أن التنمية والتعليم لا ينتظران نهاية الحرب، بل يمكن أن يكونا أدوات فعالة في تجاوز آثارها، وأن الطلاب يمثلون مدخلاً رئيساً لإعادة بناء الدولة السودانية بعد الحرب، وقال الجنرال معاوية دانيال في إفادته للكرامة إن الجامعات السودانية تبقى في قلب اهتمام الدولة، لقناعة قيادة البلاد الراسخة بأن التعليم العالي يمثل بوابة نهوض سودان ما بعد الحرب، باعتبار أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في الاستقرار، وهو الطريق الضامن لتأسيس جيل قادر على تجاوز جراح الحرب وإعادة إعمار ما تهدم من مؤسسات ومعارف، مؤكداً أن الاهتمام الحكومي بالقطاع الأكاديمي والذي أظهرته زيارة الفريق جابر والوفد المرافق له، يمكن أن يعيد الثقة في مؤسسات الدولة ويعزز من دور الجامعات كمراكز لإنتاج المعرفة والبحث العلمي، بمساهمتها في رسم سياسات التنمية وصناعة القرار.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ تبقى زيارة الفريق إبراهيم جابر إلى الجامعة الوطنية بمثابة إشارة قوية إلى أن عودة الحياة المدنية تبدأ من قاعات الدرس، وأن بناء الوطن يبدأ من العقل قبل البندقية، لذلك يأتي اهتمام الحكومة بإعادة تأهيل وإعمار وصيانة جميع المرافق الحكومية والخاصة، لاسيما المؤسسات التعليمية، لأهميتها في تطوير المجتمع وتحصين الشباب من الاستلاب الفكري.